وصية للعلامة محمد بن صالح العثيمين، في منهجية دراسة الفقه
أصل هذه الوصية: سؤال طُلب فيه من الشيخ - رحمه الله تعالى - توضيح المنهج الصحيح في طلب العلم، في مختلف العلوم الشرعية; فأجاب الشيخ إجابة وافية، كعادته - رحمه الله تعالى -.
وهذا الجزء هنا المتعلق بعلم الفقه.
قال - رحمه الله تعالى -:
"علم الفقه: ولا شك أن الإنسان ينبغي له أن يُركز على مذهب معين يحفظه ويحفظ أصوله وقواعده، لكن لا يعني ذلك أن نلتزم التزامًا بما قاله الإمام في هذا المذهب - كما يلتزم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم -، لكنه يبني الفقه على هذا ويأخذ من المذاهب الأخرى ما قام الدليل على صحته، كما هي طريقة الأئمة من أتباع المذاهب كشيخ الإسلام ابن تيمية، والنووي وغيرهما حتى يكون قد بنى على أصل.
لأني أرى أن الذين أخذوا بالحديث دون أن يرجعوا إلى ما كتبه العلماء في الأحكام الشرعية، أرى عندهم شطحات كثيرة، وإن كانوا أقوياء في الحديث وفي فهمه لكن يكون عندهم شطحات كثيرة؛ لأنهم بعيدون عما يتكلم به الفقهاء!
فتجد عندهم من المسائل الغريبة ما تكاد تجزم بأنها مخالفة للإجماع أو يغلب على ظنك أنها مخالفة للإجماع!
لهذا ينبغي للإنسان: أن يربط فقهه بما كتبه الفقهاء- رحمهم الله - ولا يعني ذلك أن يجعل الإمام، (إمام هذا المذهب) كالرسول - عليه الصلاة والسلام - يأخذ بأقواله وأفعاله على وجه الالتزام، بل يستدل بها ويجعل هذا قاعدة ولا حرج بل يجب إذا رأى القول الصحيح في مذهب آخر أن يرجع إليه.
والغالب في مذهب الإمام أحمد: أنه لا تكاد ترى مذهبًا من المذاهب إلا وهو قول للإمام أحمد! راجع كتب الروايتين في المذهب تجد أن الإمام أحمد - رحمه الله - لا يكاد يكون مذهب من المذاهب إلا وله قول يوافقه؛ وذلك لأنه - رحمه الله - واسع الاطلاع ورجّاع للحق أينما كان.
فلذلك أرى أن الإنسان يركز على مذهب من المذاهب التي يختارها، وأحسن المذاهب - فيما نعلم من حيث اتباع السنة -: مذهب الإمام أحمد - رحمه الله - وإن كان غيره قد يكون أقرب إلى السنة من غيره، على إنه كما أشرت قبل قليل؛ لا تكاد تجد مذهبًا من المذاهب إلا والإمام أحمد يوافقه رحمه الله". اهـ (1)
______________
(1) كتاب "العلم"، للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: (ص86).
وفي تفضيله لمذهب الإمام أحمد - رحم الله الجميع - أنظر تعليقه على مقدمة المجموع للإمام النووي (ص 222) - دار ابن الجوزي بالقاهرة -.
وفي تفضيله لمذهب الإمام أحمد - رحم الله الجميع - أنظر تعليقه على مقدمة المجموع للإمام النووي (ص 222) - دار ابن الجوزي بالقاهرة -.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق