طريقة مقترحة نافعة لدراسة المتون لابن بدران (رحمه الله)
قال الشيخ عبدالقادر بن بدران، في نهاية كتابه: (المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل [ص 489 - 491]):
"وَاعْلَم أَن للمطالعة وللتعليم طرقا ذكرهَا الْعلمَاء وإننا نثبت - هُنَا - مَا أخذناه بالتجربة، ثمَّ نذْكر بَعْضًا من طرقهم; لِئَلَّا يَخْلُو كتَابنَا هَذَا من هَذِه الْفَوَائِد.
إِذا تمهد هَذَا; فَاعْلَم: أننا اهتدينا - بفضله تَعَالَى - أثْنَاء الطّلب إِلَى قَاعِدَة، وَهِي:
- أننا كُنَّا نأتي إِلَى الْمَتْن أَولا: فنأخذ مِنْهُ جملَة كَافِيَة للدرس.
- (ثمَّ) نشتغل بِحل تِلْكَ الْجُمْلَة - من غير نظر إِلَى شرحها - ونزاولها; حَتَّى نظن أننا فهمنا.
- (ثمَّ) نقبل على الشَّرْح، فنطالعه المطالعة الأولى امتحانا لفهمنا، فَإِن وجدنَا فِيمَا فهمناه غَلطا صححناه.
- (ثمَّ) أَقبلنَا على تفهم الشَّرْح - على نمط مَا فَعَلْنَاهُ فِي الْمَتْن -.
- (ثمَّ) إِذا ظننا أننا فهمناه راجعنا حَاشِيَته - إِن كَانَ لَهُ حَاشِيَة - مُرَاجعَة امتحان لفكرنا فَإِذا علمنَا أننا فهمنا الدَّرْس تركنَا التاب وَاشْتَغَلْنَا بتصوير مَسْأَلَة فِي ذهننا فحفظناه حفظ فهم وتصور - لَا حفظ تراكيب وألفاظ -.
- (ثمَّ) نجتهد على أَدَاء مَعْنَاهُ بعبارات من عندنَا - غير ملتزمين تراكيب الْمُؤلف -.
- (ثمَّ) نَذْهَب إِلَى الْأُسْتَاذ للْقِرَاءَة وهنالك نمتحن فكرنا فِي حل الدَّرْس ونقوم مَا عساه أَن يكون بِهِ من اعوجاج ونوفر الهمة على مَا يُورِدهُ الْأُسْتَاذ مِمَّا هُوَ زَائِد على الْمَتْن وَالشَّرْح.
وَكُنَّا نرى: أَن من قَرَأَ كتابا وَاحِدًا من فن على هَذِه الطَّرِيقَة سهل عَلَيْهِ جَمِيع كتب هَذَا - مختصراتها ومطولاتها - وَثبتت قَوَاعِده فِي ذهنه وَكَانَ الْأَمر على ذَلِك!
ثمَّ إِن الأولى فِي تَعْلِيم المبتدىء: أَن يجنبه أستاذه عَن إقرائه الْكتب الشَّدِيدَة الِاخْتِصَار الْعسرَة على الْفَهم كـ: <مختصر الْأُصُول> لِابْنِ الْحَاجِب، و <الكافية> لَهُ - فِي النَّحْو -; لِأَن الِاشْتِغَال بِمثل هذَيْن الْكِتَابَيْنِ المختصرين إخلال بالتحصيل; لما فيهمَا - وَفِي أمثالهما - من التَّخْلِيط على - المبتدىء -; بإلقاء الغايات من الْعلم عَلَيْهِ وَهُوَ لم يستعد لقبولها بعد وَهُوَ من سوء التَّعْلِيم!
ثمَّ فِيهِ - مَعَ ذَلِك - شغل كَبِير على المتعلم بتتبع أَلْفَاظ الِاخْتِصَار العويصة للفهم بتزاحم الْمعَانِي عَلَيْهَا وصعوبة اسْتِخْرَاج الْمسَائِل من بَينهَا لِأَن أَلْفَاظ المختصرات تجدها - لأجل ذَلِك - صعبة عويصة فَيَنْقَطِع فِي فهمها حَظّ صَالح عَن الْوَقْت! كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك ابْن خلدون فِي <مقدمته>، قَالَ: (وَبعد ذَلِك فالملكة الْحَاصِلَة من التَّعْلِيم فِي تِلْكَ المختصرات إِذا تمّ على سداده وَلم تعقبه آفَة فَهِيَ ملكة قَاصِرَة عَن الملكات الَّتِي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة بِكَثْرَة مَا يَقع فِي تِلْكَ من: التّكْرَار والإحالة المفيدين لحُصُول الملكة التَّامَّة وَإِذا اقْتصر على التّكْرَار قصرت الملكة لقلته كشأن هَذِه الموضوعات المختصرة! فقصدوا إِلَى تسهيل الْحِفْظ على المتعلمين فأركبوهم صعبا يقطعهم عَن تَحْصِيل الملكات النافعة وتمكنها). هَذَا كَلَامه
وَاعْلَم أَنَّك إِذا قابلت بَين: من قَرَأَ <الكافية> وَبَين من قَرَأَ ابْن عقيل - <شرح ألفية ابْن مَالك> - وجدت الأول جَامِدا غير متسع الصَّدْر فِي ذَلِك الْفَنّ وَوجدت الثَّانِي أغزر مَادَّة منفسحا لَهُ المجال!
وَكُنَّا نرى: أَن من قَرَأَ كتابا وَاحِدًا من فن على هَذِه الطَّرِيقَة سهل عَلَيْهِ جَمِيع كتب هَذَا - مختصراتها ومطولاتها - وَثبتت قَوَاعِده فِي ذهنه وَكَانَ الْأَمر على ذَلِك!
ثمَّ إِن الأولى فِي تَعْلِيم المبتدىء: أَن يجنبه أستاذه عَن إقرائه الْكتب الشَّدِيدَة الِاخْتِصَار الْعسرَة على الْفَهم كـ: <مختصر الْأُصُول> لِابْنِ الْحَاجِب، و <الكافية> لَهُ - فِي النَّحْو -; لِأَن الِاشْتِغَال بِمثل هذَيْن الْكِتَابَيْنِ المختصرين إخلال بالتحصيل; لما فيهمَا - وَفِي أمثالهما - من التَّخْلِيط على - المبتدىء -; بإلقاء الغايات من الْعلم عَلَيْهِ وَهُوَ لم يستعد لقبولها بعد وَهُوَ من سوء التَّعْلِيم!
ثمَّ فِيهِ - مَعَ ذَلِك - شغل كَبِير على المتعلم بتتبع أَلْفَاظ الِاخْتِصَار العويصة للفهم بتزاحم الْمعَانِي عَلَيْهَا وصعوبة اسْتِخْرَاج الْمسَائِل من بَينهَا لِأَن أَلْفَاظ المختصرات تجدها - لأجل ذَلِك - صعبة عويصة فَيَنْقَطِع فِي فهمها حَظّ صَالح عَن الْوَقْت! كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك ابْن خلدون فِي <مقدمته>، قَالَ: (وَبعد ذَلِك فالملكة الْحَاصِلَة من التَّعْلِيم فِي تِلْكَ المختصرات إِذا تمّ على سداده وَلم تعقبه آفَة فَهِيَ ملكة قَاصِرَة عَن الملكات الَّتِي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة بِكَثْرَة مَا يَقع فِي تِلْكَ من: التّكْرَار والإحالة المفيدين لحُصُول الملكة التَّامَّة وَإِذا اقْتصر على التّكْرَار قصرت الملكة لقلته كشأن هَذِه الموضوعات المختصرة! فقصدوا إِلَى تسهيل الْحِفْظ على المتعلمين فأركبوهم صعبا يقطعهم عَن تَحْصِيل الملكات النافعة وتمكنها). هَذَا كَلَامه
وَاعْلَم أَنَّك إِذا قابلت بَين: من قَرَأَ <الكافية> وَبَين من قَرَأَ ابْن عقيل - <شرح ألفية ابْن مَالك> - وجدت الأول جَامِدا غير متسع الصَّدْر فِي ذَلِك الْفَنّ وَوجدت الثَّانِي أغزر مَادَّة منفسحا لَهُ المجال!
وَحَاصِل الْأَمر: أَن الْأُسْتَاذ يَنْبَغِي أَن يكون حكيما يتَصَرَّف فِي طرق التَّعْلِيم بِحَسب مَا يرَاهُ مُوَافقا لاستعداد المتعلم وَإِلَّا ضَاعَ الْوَقْت بِقَلِيل من الْفَائِدَة وَرُبمَا لم تُوجد الْفَائِدَة أصلا!
وطرق التَّعْلِيم أَمر ذوقي وَأَمَانَة مودعة عِنْد الأساتذة فَمن أَدَّاهَا أثيب على أَدَائِهَا وَمن جَحدهَا كَانَ مطالبا بهَا". اهـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق