طريقة
(حفظ السنة النبوية)
(حفظ السنة النبوية)
و
(حفظ المتون)
التي نصح بها الشيخ/
د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله-
د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذا مقطع قصير مفرغ من إجابات مفرقة للشيخ/
د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي
عضو هيئة كبار العلماء -حفظه الله-
د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي
عضو هيئة كبار العلماء -حفظه الله-
أجاب فيه عن سؤال كثيرا ما يطرح حول:
(طريقة وكيفية حفظ المتون و حفظ السنة النبوية)
ولأهمية هذه الإجابات تم قصها صوتيا كاملة ثم أفردت في هذا المقطع:
ونسأل الله -عز وجل- بمنه وكرمه أن يجزي الشيخ خير الجزاء وأن ينفع بما قدم.
تنويه: أحيانا من طبيعة إلقاء الشيخ في الأجوبة عن أسئلة الحاضرين أن يجمع في حديثه بين الفصيح والعامي.
* * *
سُئل الشيخ/ محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله- في درس شرح زاد المستقنع في الفقه السؤال التالي:
كيف نستطيع حفظ هذا المتن -أي: زاد المستقنع-؟
فأجاب:
"بالنسبة للحفظ فأنا أرغب في (حفظ كتاب الله) و (سنة النبي صلى الله عليه وسلم)، وكتب العلماء والله على العين والرأس، ولكن بدل استغلال الساعة في حفظ (زاد المستقنع) استغلها في حفظ حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
والزاد افهمه، واعرف كيف تعبد الله عز وجل، واحفظ مسائله.
أما أن تحفظ العبارات فالأولى منها (حفظ كتاب الله تعالى) و (سنة النبي صلى الله عليه وسلم)، وكل حرف تتعبد الله عز وجل به لك فيه من الأجور ما الله به عليم، و (زاد المستقنع) خير وحفظه بركة، ولكن الأفضل والأكمل لك أن تحفظ (كتاب الله تعالى).
ومن الصعب أن تجد الطالب يحفظ (الزاد) ولا يحفظ (القرآن) ولا (أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم)، وكيف يحفظ (الزاد) وتخفى عليه أحاديث الأحكام؟!
لذلك يبدأ الإنسان بالأصل ثم بعد ذلك ما تفرع منه.
أما طريقة حفظ (زاد المستقنع) فهي باختصار:
بالأول تأخذ المادة مكتملة ولا تزد على سطر واحد.
فإذا تكلم المصنف -مثلاً- عن أقسام المياه في سطرين أو ثلاثة أسطر فلا تحفظ الثلاثة الأسطر دفعة واحدة، فإذا كانت المادة مكتملة في سطر فخذها، وأما إذا كانت غير مكتملة إلا بثلاثة أسطر فجزئ جزئيات المادة.
فإذا كانت المادة ثلاثة أقسام:
الماء (الطهور) في سطر، و (الطاهر) في سطر، و (النجس) في سطر، فاحفظ أولاً (الطهور)، ولو ذكره في السطرين فإنه يذكر لك وصفه وحكمه.
فالسطر الأول في وصفه والثاني في حكمه، فابدأ بوصفه ثم بحكمه.
ولا تحفظ السطر ولا نصف السطر إلا وأنت تعرف عنوانه وعن أي شيء يتكلم.
فاكتب السطر ثم أدم النظر إليه، واقرأه على الأقل "عشر مرات بتمعن"، ولا تقرأ إلا بعد تصحيح هذا المتن على عالم حتى تضبط ويكون حفظك صحيحاً.
وبعد ما تقرأ عشر مرات حاول مرة أن تقرأه غيباً، وتعرَّف على نقاط الضعف في الحفظ في أي العبارات، ثم ارجع وكرر إن استطعت (100) مرة، إن استطعت (200) إذا كنت تريد الحفظ.
أما إذا كنت تريد أن تمشي الحال فكرر (50) مرة أو (40) مرة..
يقولون أن الأربعين مرة قوية وهي فاتحة الحفظ، هذه فاتحة فقط!
الذي ضر الكثير الآن في الحفظ ازدحام المعلومات، والأولون لم تكن عندهم مشاغل ولا مشاكل كثيرة، ولكن عند الإنسان اليوم مشاغل ومشاكل في بيته وأهله وأولاده وأطفاله فيستغرق ذهنه، لكن إذا صح ذهنه وصفا فإنه تكفيه (المرتان) و (الثلاث)، وأحياناً (مرة) واحدة.
يقول الشعبي: "ما كتبت سوداء في بيضاء قط وما حدثني أحد بحديث فأحببت أن يعيده علي" بمجرد ما يقول ينسخ الحفظ".اهـ
ـــــ ،،، ـــــ
وسُئل الشيخ/ محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله- في درس أخر:
هل الأفضل لطالب العلم أن يحفظ المتن؟
وما الطريقة المناسبة في ذلك؟
فأجاب:
"حفظ المتون الفقهية كمال، والأهم الفهم إذا فهمها هذا هو الأصل.
أما حفظها فهو كمال حتى يتيسر له الاستحضار عند الحاجة.
وإذا كان حفظها معينا لك على الضبط وعلى الاستحضار عند الحاجة ويكون عصمة بتوفيق الله لك من الخطأ والزلل فاحفظها، أو يكون عندك ملكة في الحفظ قوية فاحفظها.
لكن لو صرفت الحفظ إلى الأصول كحفظك لـ (كتاب الله عز وجل) و (أحاديث الأحكام) فهذا أفضل وأكمل وهو الأساس.
إذا أردت أن تحفظ المتون فابدأ بمتون الأحكام كـ (عمدة الأحكام) احفظ أحاديثه، وإذا تيسر لك أن تتوسع فاحفظ أحاديث العقيدة فهي الأساس.
إذا كان الإنسان يريد أن يحفظ فليحفظ أحاديث العقيدة التي تتعلق بأصول الدين ومهام الدين وما يكون من فتن الساعة وأشراطها ونحو ذلك مما يتعلق بالاعتقاد.. ثم ينتقل بعد ذلك إلى الفروع والأحكام، فإذا توسعت ملكته في الحفظ وكان قوي وواسع الذاكرة وأمكنه أن يحفظ أحاديث الأحكام فليحفظها.
وإذا أراد الحفظ بدأ بما في الصحيحين كـ (عمدة الأحكام) ثم ثنى بغيرها.
يبدأ بالثابت الذي لا إشكال فيه، ثم بعد ذلك يأخذ المختلف فيه.
هذا هو الذي يظهر والله تعالى أعلم".اهـ
ـــــ ،،، ـــــ
وقال الشيخ/ محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله- في درس أخر:
"يا ليت طالب العلم إذا اشتغل بالفقه ووجد وقتا زائدا يأخذ متنا من متون الحديث.
مثلا يبدأ بمتون الأحكام فيأخذ أصحها ما اتفق عليه الشيخان، فيأخذ (عمدة الأحكام) ويحفظها، يقرأ الفقه كفقه حتى ينتهي منه ويقرأ الأحاديث كحفظ حتى إذا تيسر الوقت يضبط وهذا بعد حفظ القرآن.
عندك وقت زائد ولا تحفظ القرآن احفظ القرآن.
عندك وقت زائد وأنت تحفظ القرآن راجع القرآن.
عندك وقت زائد وأنت تحفظ السنة راجع السنة.
إذا جاء طالب العلم ووجد وقتا واسعا وحفظ أحاديث الأحكام نقول له اجلس واجمع الأحاديث في الباب الواحد احفظها.
مثلا في "الوضوء" هناك عند العلماء خمسة أحاديث هي أمهات الأحاديث مثلا في الوضوء فاحفظ هذه الأحاديث.
عندهم في "الصلاة" مثلا مائة حديث هي أصول باب الصلاة أنت حفظت من (عمدة الأحكام) منها عشرين بقيت ثمانون، اجعل الوقت الزائد لحفظ الثمانين.
ولذلك حفظ الأحاديث لو كان منظما مرتبا بهذا التأصيل العلمي السليم لنفع الله الحفاظ ونفع الناس من حفظهم، لو أن الحفاظ وضع لهم منهج على أيدي علماء فلن يُقتصر على حفظ الأمهات.
نبدأ مثلا في حفظ أحاديث الأحكام فلو وضع برنامج سليم مثلا:
- أحاديث الأحكام في العقائد والأصول.
- في الطهارة.
- في الصلاة.
- في العبادات.
- في المعاملات ..إلخ
تبدأ مثلا في أحاديث الأحكام في العقائد وتذكر أحاديث الأحكام في الأصول في:
- الإيمان بالله.
- وملائكته.
- وكتبه.
- ورسله.
- واليوم الأخر.
- والقدر خيره وشره.
وتذكر هذه الأحاديث كأصول، ثم بعد ذلك جميع ما يتعلق بالاعتقاد من منهج أهل السنة والجماعة.
بعد ما تُلم بأصوله وتطعمه بالأحاديث في الصحيحين نبحث عن الأحاديث الصحيحة في غير الصحيحين، فلو حفظ هذه الأحاديث التي في الصحيحين يتوسع بعدها لحفظ الأحاديث التي في غير الصحيحين.
وهكذا بالنسبة للفقه يبدأ مثلا في باب "الوضوء"، فلو أخذ كتاب الوضوء وأخذ أحاديث الأصول مثلا:
- حديث حمران مولى عثمان عن عثمان رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.
- وحديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.
- وحديث علي رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه كأصول.
ثم بعد ذلك الأحاديث التي هي أصول في الصحيحين من غير هذه فيجمعها.
ثم بعد ذلك ينظر ما خرج عن الصحيحين من الأحاديث الأمهات:
- ما خرج عن الصحيحين وقال جُمهور العلماء بصحته يجعله على جهة.
- وما قوي الخلاف فيه وترجح تصحيحه يجعله على جهة.
- وما قوي الخلاف فيه وترجح ضعفه يجعله على جهة.
هكذا حفظ مرتب منقح!
بدل أن يحفظ مثلا (سنن أبي داود) مستقلة أو (صحيح البخاري) مستقلا أو نحو ذلك.. يكون حفظه مؤصلا مرتبا يستطيع أن يستفيد منه.
ولو احتجنا يوما من الأيام إلى أحاديث تتعلق بجزئية من جزئيات العقائد وجدت طالب العلم ينثرها بين يديك نثرا يستفيد ويفيد غيره.
وهكذا لو احتجنا أن نشرح بابا من أبواب الفقه وجدته ينشرها بين يديك.
هذا هو الذي كان عليه الأئمة والعلماء رحمهم الله من العناية بأصول الأبواب والعناية عند الحفظ وعند الضبط وما يُحتاج إليه.
فإذا رتبت رحمك الله قراءتك ومطالعتك بهذا الترتيب فهذا خير كثير".اهـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق