05‏/08‏/2016

مقارنة بين (زاد المستقنع) و (دليل الطالب) و (عمدة الفقه) و (عمدة الطالب) و (أخصر المختصرات) لدارس الفقه الحنبلي


مقارنة بين (زاد المستقنع) و (دليل الطالب) و (عمدة الفقه) و (عمدة الطالب) و (أخصر المختصرات) لدارس الفقه الحنبلي


بسم الله الرحمن الرحيم

سُئل أحد المشتغلين بالفقه الحنبلي السؤال التالي:
من فضلك اذكر لمحبيك وتلامذتك الحنابلة المبتدئين مقارنة بين (زاد المستقنع) و (دليل الطالب) و (عمدة الفقه) و (عمدة الطالب) و (أخصر المختصرات) ولو بالإجمال جزاك الله خيرا.

فأجاب:
الحمد لله وحده، وبعد: فهذه المتون المذكورة في السؤال هي المتون الخمسة التي عليها المعول عند أصحابنا في الحفظ والتدريس للمبتدئين، وكلها متون مباركة، يحصل بها النفع، والتفضيل بينها نسبي، ليس أمرا نهائيا، وتختلف وجهة النظر في ترجيحها باعتبارات عدة، من دربة الناصح بأحدها، واهتمامه به أو بشروحه، أو عناية أهل بلده مشايخه به، وهكذا، والكلام في المقارنة بينها ومميزات كل بالتفصيل يطول، غير أني سأذكر شيئا مجملا كما طلبت أيها الفاضل، وقد عنيت بهذه المتون كلها عناية كبيرة، وقارنتها جميعا وزيادة: كلمة كلمة، والفضل لله، فأقول:

1- أما متن الزاد فمتن عظيم النفع، جم الفائدة، ينمي الملكة، ويقوي العقل، ويميزه إمامة مصنفه، وكونه مختصرا لأهم متن عن المتوسطين وهو الإقناع، الذي هو العمدة التي ابتنت عليها متون المتأخرين، ثم قد حظي بشرح لا نظير له في المتون المذكورة، وهو الروض المربع، وهذا الشرح هو البوابة الحقيقية لما بعده من شروح المطولات، كشرح المنتهى والكشاف، وغيرهما، والكتاب بشرحه الروض= كتاب مبارك، كان عليه التعويل في التدريس في الأزهر الشريف، وفي السعودية، هذا غير ما امتاز به المتن من سبك فقهي متين، وكثر المسائل، ودقة العبارة،. .

ومما يميزه كذلك ما وضع عليه وعلى شرحه من حواش مفيدة، ولا سيما ابن فيروز والعنقري وابن قاسم، وعناية كثير من المعاصرين به وشرحه..

والحقيقة أنه لا يعدله متن آخر عندي، فهو المتن الذي حفظته وشرحته مرارا واعتنيت بشرحه عناية كبيرة.

هذا ومخالفات الزاد لمعتمد المذهب كثيرة نوعا ما، لكن ذلك لا يعيبه، لأن الروض نبه على جملة كبيرة منها، تصريحا أو إشارة، ثم معتمدات التدريس تختلف عن معتمدات الفتيا والقضاء.

2- أما دليل الطالب: فأحسن هذه المتون من حيث التقاسيم، فهو بديع في هذا الجانب جدا، ومما يميزه أنه مختصر للمنتهى، الذي هو عمدة المذهب عند المتأخرين، ومخالفات الدليل للمعتمد قليلة جدا، إضافة إلى أن له شروحا كثيرة بعضها حسن جدا، كحاشية ابن عوض التي هي شرح في الحقيقة، وشرح عبد الله المقدسي، وشرح العوفي وإن لم يكمل.

والمتن معتنى به في بلاد الشام وخدم وشرح وحشي عليه ونظم، وهو جدير بالعناية، وإن كان طويلا وكثير المسائل بما لا يليق للمبتدئ في أوله، ومما يؤخذ عليه إهمال بعض الأبواب فلم يذكرها أصلا، وقصر بعضها جدا وطول بعضها جدا، ومما يستغرب عليه أنه ذكر بعض التعليلات للمسائل، وهي طريقة خارجة عن صنعة المتون ولاسيما المختصرات. وبالجملة فهو متن بديع مبارك.

3- أما عمدة الفقه للموفق فمتن مبارك سهل العبارة قريب المأخذ، وليس طويلا كسابقيه، ويمتاز بذكر بعض الأدلة النقلية، ولكنه لم يشرح شرحا يليق بالمبتدئين ويناسبهم، وله شرح ليس له نظير وهو شرح شيخ الإسلام ابن تيمية، لكنه لم يتم، وهو أيضا ليس للمبتدئين.

وعلى كل حال فهو متن يصلح مدخلا في البداية، ويصلح أيضا لمن يريد متنا بعيدا عن التعقيد الموجود في المختصرات، وله مخالفات كثيرة للمعتمد بطبيعة الحال، لكونه في طبقة المتوسطين.

4- أما عمدة الطالب للبهوتي، فمتن لذيذ مختصر نفيس ماتع نافع محرر، حذا فيه حذو الزاد بل تابعه بألفاظه مع اختصار وزيارات يسيرة، وهو يفوق الزاد في كونه لا يخالف المعتمد إلا نادرا، لأن البهوتي عمد إلى الزاد فعدل في عباراته وصحح ما خالف فيه المعتمد غالبا، ثم هو آخر مؤلفات الشيخ منصور رحمه الله، وهي ميزة لا يستهان بها، إضافة لشرحه النفيس المحرر: هداية الراغب للمحقق الشيخ عثمان، وهو شرح غاية النفاسة ولا سيما العبادات، وهو قريب من الروض المربع، لكنه أحسن منه سبكا.

وبالجملة فهذا المتن مما ينصح بحفظه واعتماده، وهو متن جدير بالعناية، ويصلح للحفظ لمن صعب عليه الزاد والدليل، لأنه أخصر منهما وأسهل.

5- وأما أخصر المختصرات؛ فهو اسم وافق مسماه، وهو متن محرر جيد، أجاد فيه ابن بلبان رحمه الله، وفيه خلاصة الزاد، مع الاقتصار على مهمات المسائل، بعبارة سهلة، بعيدا عن التطويل والاستطراد، فهو من المتون المناسبة جدا في أول الطلب، وله شرحان مطبوعان جيدان، كشف المخدرات وهو أنسب للمبتدي، وشرح عثمان بن جامع وهو غير عثمان بن قائد محشي المنتهى وشارح عمدة البهوتي، فابن جامع متأخر، وشرحه طويل لا يصلح للمبتدي، وهو شرح جيد أيضا.

ومن الأمور التي قد تستغرب في هذا المتن: أنه مع شدة اختصاره فيه زيادات في القيود والمسائل ليست في الزاد بل ليست في الروض المربع! نعم هي قليلة بالنسبة للمتون الأخرى، لكن وجودها في مثل هذا المتن المختصر جدا= ميزة له.
وهو أيضا مدخل جيد للمبتدي في أوله.

ولأختم هذا الجواب بذكر ترتيب مقترح لهذه المتون، وليس ملزما بطبيعة الحال، لكنه مناسب:

أن يبدأ الطالب بأخصر المختصرات أو عمدة البهوتي ثم يقرأ شرح عثمان على عمدة البهوتي الذي هو هداية الراغب، أو كشف المخدرات، بحسب المتن المختار.

ثم يدرس الدليل مع حاشية ابن عوض، وفائدة الدليل هنا أنه أطول من الأخصر والعمدة، وأنه بديع التقسيم، فيرتب للطالب ذهنه ويسهل عليه ما بعده.

ثم يحفظ الزاد ويدرس الروض.

وإن صعب عليه حفظ الزاد؛ فأرشح له حفظ عمدة البهوتي، فإن صعبت عليه؛ فأخصر المختصرات.

وأعلى درجة هنا: أن يحفظ الزاد مع زيادات دليل الطالب وضبط تقاسيمه.

ثم يتوفر لدراسة الروض المربع، ثم ما يليه من شرح المنتهى وغيره، كما ذكرت من قبل في عدة منشورات ومشاركات. وبالله التوفيق..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق